السيرة الذاتية لسيدي الشيخ العبيد ودبدر رضي الله عنه
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم
كتب الله تعالى في الأزل عنده واقتضت حكمته الجليلة أن يعز هذه المنطقة بأحد أوليائه
فالتقت دماء الأشراف المشرقية والمغاربة بالإقليم السوداني لتنتج لنا الشيخ محمد بدر؛ المشهور بالشيخ العبيد ود ريَّة؛ المولود في 1811م بقرية الحوَّارة جهة شندي لأسرة مسلمية بكرية نسبة إلى سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه؛ وتلتقي في أحسابها وأنسابها بأسرة الشيخ حسن بن حسونة القادمة من جزيرة الأندلس؛ وأسرة الشيخ عبد القادر الجيلاني الشريف المشرقي البغدادي المعلوم.
فهو محمد بن أحمد بن محمد بن علي بن موسى بن علي بن موسى بن علي بن موسى الكبير بن محمد الخيار (المكنى ببدر) بن الحاشي الجمل بن الحاشي المسلمي نسبة إلي جده مسلم بن شقيقة سيدي الغوث الأعظم الشيخ عبد القادر الجيلاني؛
كما إن موسى الكبير والدته الشريفة فاطمة بنت الحاج عبد السلام تلميذ سيدي الشيخ حسن بن حسونة (رضي الله عنهم).
وتنقل الشيخ ود بدر بين عديد المناطق حيث إرتحل جنوب المتمة وسكن بمنطقة طبقة ويسكن هناك جزء من أحفاده لإبنه الخليفة أحمد وأسس بها خلوة وتستخدم الآن كمقبرة تعرف بإسمه ؛ وكذلك أسس مقرا له بمنطقة النخيرة شرق الجزيرة ويسكنها الآن أحفاده من إبنه الفكي عمر وغيرهم وأستقر به المقام بأم ضبان شرق النيل
ابتدر الشيخ محمد بدرالعبيد السير إلى الله تعالى وهو بعد يافع صغير؛ وذلك على يد والدته السيدة الفاضلة ريَّه بنت علي بن أبي زيد الحسا نية الكاهليّة؛ وذلك بأن قادته إلى طريق الإرتياض بالجوع والعطش محققة بذلك بشارة طالما تواترت عندها بأنها سوف تنجب إبنا يكون مثل الشيخ حسن بن حسونة؛ وكانت أمها عزلة بنت حسب الله، حفيدة الشيخ محمد بن عيسى الأنصاري الخزرجي من الصالحات وكانت عقيدتها عند الشيخ حسن بن حسونة وكانت تتوخى قدوم مولود لابنتها يبلغ مقام سيدي الشيخ حسن بن حسونة.
كان الشيخ محمد بدر في صغره يرعى الغنم لأهله وأثناء ذلك سلك في العبادة والنسك بإيحاء من والدته فأجاع نفسه وسار على ذلك متدرجا حتى انتهى إلى أن يطوي يومه كله على لقمة واحدة وحتى صارت مفاصل ظهره ظاهرة من قبل بطنه؛
وبعدما شبَّ عن الطوق أخذ في السياحة والفرار بالغفار والصحاري والجبال والأودية والآكام؛ وكان لا يني في أثناء سياحته أن يختلف إلي مجالس الذكر ويغشى حلقات العلماء ليتلقى العلم الشرعي عنهم سماعا إذ انه كان أميا لم يفك الخط؛ ولكن ذلك لم يمنعه أن يتبحر في علوم الشريعة حتى انه سمع مختصر خليل ثلاث مرات على الشيخ احمد بن عيسى الأنصاري؛ ساعده في ذلك انه بلغ الشأو من تعبده في علوم الحقيقة؛ كما إن سياحته أيضا لم تمنعه أن يغشى أهله بين الفينة والأخرى ليقضي حوائجهم ويقف على أحوالهم؛ فتزوج من ابنة عمه ستنا بنت العجيل وأنجب منها أول ما أنجب ابنه الأكبر احمد 1830م وحينها عرضت عليه أمانة أهل الله فلم يقبلها تواضعا لله سبحانه وتعالى؛ وتأدبا مع كبار القوم.
وفي 1838م حج إلى بيت الله الحرام وتشرف بالسلام على سيد الأنام عليه أفضل صلوات الله وأزكى السلام، ومن ثم قابل السيد محمد عثمان الميرغني الأكبر بقصد الزيارة له في الله وأخذ العهد الصوفي عنه والمجاورة بالبلد الحرام، لكن الميرغني أمره بالرجوع إلى السودان لينتفع به أهله هناك؛ فرجع واخذ الطريق القادري على صاحب الوقت الشيخ عوض الجيد بن الحسن الخالدي (رضي الله عنه) وحصل له منه المدد العظيم والعطاء الجسيم؛ فحفظ الكتب السماوية الأربعة القرءان والتوراة والإنجيل والذبور وخصه بمنن أخرى كما حكي الأستاذ محمد بدر العبيد ذلك بنفسه في مصنفه (سراج السالكين)؛ أو ما حكاه عنه تلميذه محمد بن الحاج نور في رسالته (مفتاح البصائر).
وكانت همة الشيخ محمد بدر قبل حجه متعلقة بالسياحة والعزلة والانفراد؛ ولكن بعد قفوله من الحج صارت همته متعلقة ببذل الطعام وتعليم القرءان الكريم وإقامة شعائر الإسلام ؛ لتواتر الرؤيات الصالحات عنده بذلك، ولكنه واصل في السياحة والعبادة حتى العام 1848م حيث صدر له الإذن في وقود نار التدريس؛ فأشعل نار القرءان في مقره بالنخيرة الأولى؛ وفي مُهاجره بغابة امضبان (جنوب شرق الخرطوم).
وفي 1851م ورث أمانة أهل الله وجلس لسلوك السالكين وتربية المريدين بإرشادات رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ودلالة أهل الله ، فعندها صاح الكون به وصرخ واشتهر اسمه في السماء والأرض وشمخ؛ فجاءه الناس من كل جانب وعكف عليه الأجانب والأقارب؛
ولحسن نيته وإرادته الخير كانت تتحاكم إليه الناس ويستدعونه إذا تشاجروا فيذهب إليهم ويؤلف بينهم؛ وكثيرا ما كان يقصده المرضى وذوو العاهات فيصف لهم بما فتح الله له الأدوية ويعالجهم فيعودون وما بهم من علة.
وظل ولمدة ثلاثين عاما على هذه الحال تقرأ عليه كتب القوم في التصوف والأخلاق والسلوك ككتب الامام الغزالي والمحاسبي والقشيري وغيرهم، فيفسرها ويأتي في ذلك بما يسبى العقول ويخلب الألباب ويحتار فيه فطاحلة العلماء فضلا عمن دونهم؛
واستقدم كذلك أجلة العلماء والفقهاء في عهده لتدريس العلوم الشرعية كالتفسير والفقه والتوحيد جنبا إلى جنب مع تحفيظ القرءان الكريم الذي كان يقوم عليه طائفة من أبنائه ومساعديهم؛
ولنشر الطريقة وأدآب السلوك الصوفي في المواطن الأخرى؛ كان ينتخب من كبار تلامذته من لهم الاستعداد والأهلية فيدخلهم الخلوات ويمدهم بالأنوار والبركات ويوصلهم إلى مراقي القرب والنفحات؛ فيعودوا إلي أهلهم لنشر الطريقة ورفع أعلام الإسلام والحقيقة،
فأيد رضي الله عنه في حياته المباركة اثنين وعشرون شيخا؛وأيد أبنه الخليفة أحمد من بعده ثمانية عشرة شيخا؛ ليكتمل عقدهم أربعون شيخا؛ هم نجوم الطريقة البدرية القادرية الذين رفعوا راية الإسلام ونشروا هدى سيد الأنام عليه من الله أفضل الصلوات وأزكى السلام؛ ولا تزال محلاتهم منائرا للحق وقبلة للخلق؛ونذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر؛
الشيخ محمد المقابلي والشيخ محمد الأمين صقر البرِزَّن والشيخ محمد أبو صالح والشيخ محمد النذير الفتايابي والشيخ الطيب إبنه رضي الله عنه والشيخ عبد القادر بن أبي كساوي والشيخ منصور الجامعي والشيخ محمد صالح الفلاتي والشيخ تاى الله النفيدي والشيخ شنبول الدويحي والشيخ بابكر علي النور المسلمي والشيخ محمد عبد الرحمن الرازقي الذي صادف عام تأييده ظهور المهدي بجزيرة أبا 1881م؛ وبعدها لم يؤيد أحدا حيث انشغل بالجهاد في صفوف المهدية حتى وفاته رضي الله عنه في1884م.
وذلك انه عندما ظهرت المهدية ثار الناس وهاجوا وماجوا لكن الشيخ كان يعقِّلهم ويهدئ من ثائرتهم ريثما تهدأ الأوضاع وتنتظم الأمور ويُقام بجهد محسوب وحاسم لتحرير البلاد؛ وهكذا كان فجمع الشيخ أنصاره وقدم أبناءه وأحفاده وأحكم الخناق على عاصمة البلاد؛ واستدرج قوات غردون إلي معركة فاصلة على مشارف مدينة امضبان أباد فيها تلك القوات وكاتب الإمام المهدي بذلك،
وعندما وصل الإمام المهدي عليه السلام إلي منطقة الحصار تطلع إلى رؤية الشيخ محمد بدر في بادرة تكريمية له؛ لكن الشيخ أبدى عزوفا عن ذلك لأنه لا يحب القدوم على السلاطين؛ ثم سار تطييبا للخواطر؛ وعندما وصل حلة الجريف كركوج؛ شرق الخرطوم، نزل بالجيش للاستجمام ليواصلوا المشوار من بعدها إلي ديم أبي سعد بأمدرمان حيث يعسكر الإمام المهدي عليه السلام؛
ولكن في تلك الظهيرة من يوم الأربعاء 29 اكتو بر 1884م بيوم عاشوراء 10 محرم 1302هـ لبى الشيخ محمد بدر العبيد نداء الملأ الأعلى حيث فاضت روحه الطاهرة إلى بارئها راضية مرضية؛ فأظلمت الدنيا لموته وذهلت العقول وطارت الألباب؛ وحزن عليه الإمام المهدي غاية الحزن وصلى عليه صلاة الغائب وأصدر منشورا في بيان فضله وسابقته؛ وأبرق معزيا وأمر باستخلاف ابنه الخليفة احمد مكانه،
فرجعت الجموع الهادرة إلى أمضبان حيث تم دفنه بخلوته هناك حسب وصيته؛ وكفكفوا دموعهم ورجعوا لمواصلة الحصار حتى تم تحرير عاصمة البلاد، ثم انخرط أبناء الأستاذ الشيخ محمد بدر العبيد بعد ذلك في الجهاد والمغازي تحت راية الدولة المهدية،
بينما ظل مسجدهم وحتى اليوم جامعة لتحفيظ القرءان الكريم وعلومه وقبلة للطالبين ومنارة للسائرين في مسيرة عزيزة ابتدرها الأستاذ الشيخ محمد بدر العبيد واتصلت من بعده على يدي أبناءه وأحفاده فمن دونهم حيث يخلفه الآن على السجادة حفيده الخليفة الطيب الجد العباس بدر.
كتب الله تعالى في الأزل عنده واقتضت حكمته الجليلة أن يعز هذه المنطقة بأحد أوليائه
فالتقت دماء الأشراف المشرقية والمغاربة بالإقليم السوداني لتنتج لنا الشيخ محمد بدر؛ المشهور بالشيخ العبيد ود ريَّة؛ المولود في 1811م بقرية الحوَّارة جهة شندي لأسرة مسلمية بكرية نسبة إلى سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه؛ وتلتقي في أحسابها وأنسابها بأسرة الشيخ حسن بن حسونة القادمة من جزيرة الأندلس؛ وأسرة الشيخ عبد القادر الجيلاني الشريف المشرقي البغدادي المعلوم.
فهو محمد بن أحمد بن محمد بن علي بن موسى بن علي بن موسى بن علي بن موسى الكبير بن محمد الخيار (المكنى ببدر) بن الحاشي الجمل بن الحاشي المسلمي نسبة إلي جده مسلم بن شقيقة سيدي الغوث الأعظم الشيخ عبد القادر الجيلاني؛
كما إن موسى الكبير والدته الشريفة فاطمة بنت الحاج عبد السلام تلميذ سيدي الشيخ حسن بن حسونة (رضي الله عنهم).
وتنقل الشيخ ود بدر بين عديد المناطق حيث إرتحل جنوب المتمة وسكن بمنطقة طبقة ويسكن هناك جزء من أحفاده لإبنه الخليفة أحمد وأسس بها خلوة وتستخدم الآن كمقبرة تعرف بإسمه ؛ وكذلك أسس مقرا له بمنطقة النخيرة شرق الجزيرة ويسكنها الآن أحفاده من إبنه الفكي عمر وغيرهم وأستقر به المقام بأم ضبان شرق النيل
ابتدر الشيخ محمد بدرالعبيد السير إلى الله تعالى وهو بعد يافع صغير؛ وذلك على يد والدته السيدة الفاضلة ريَّه بنت علي بن أبي زيد الحسا نية الكاهليّة؛ وذلك بأن قادته إلى طريق الإرتياض بالجوع والعطش محققة بذلك بشارة طالما تواترت عندها بأنها سوف تنجب إبنا يكون مثل الشيخ حسن بن حسونة؛ وكانت أمها عزلة بنت حسب الله، حفيدة الشيخ محمد بن عيسى الأنصاري الخزرجي من الصالحات وكانت عقيدتها عند الشيخ حسن بن حسونة وكانت تتوخى قدوم مولود لابنتها يبلغ مقام سيدي الشيخ حسن بن حسونة.
كان الشيخ محمد بدر في صغره يرعى الغنم لأهله وأثناء ذلك سلك في العبادة والنسك بإيحاء من والدته فأجاع نفسه وسار على ذلك متدرجا حتى انتهى إلى أن يطوي يومه كله على لقمة واحدة وحتى صارت مفاصل ظهره ظاهرة من قبل بطنه؛
وبعدما شبَّ عن الطوق أخذ في السياحة والفرار بالغفار والصحاري والجبال والأودية والآكام؛ وكان لا يني في أثناء سياحته أن يختلف إلي مجالس الذكر ويغشى حلقات العلماء ليتلقى العلم الشرعي عنهم سماعا إذ انه كان أميا لم يفك الخط؛ ولكن ذلك لم يمنعه أن يتبحر في علوم الشريعة حتى انه سمع مختصر خليل ثلاث مرات على الشيخ احمد بن عيسى الأنصاري؛ ساعده في ذلك انه بلغ الشأو من تعبده في علوم الحقيقة؛ كما إن سياحته أيضا لم تمنعه أن يغشى أهله بين الفينة والأخرى ليقضي حوائجهم ويقف على أحوالهم؛ فتزوج من ابنة عمه ستنا بنت العجيل وأنجب منها أول ما أنجب ابنه الأكبر احمد 1830م وحينها عرضت عليه أمانة أهل الله فلم يقبلها تواضعا لله سبحانه وتعالى؛ وتأدبا مع كبار القوم.
وفي 1838م حج إلى بيت الله الحرام وتشرف بالسلام على سيد الأنام عليه أفضل صلوات الله وأزكى السلام، ومن ثم قابل السيد محمد عثمان الميرغني الأكبر بقصد الزيارة له في الله وأخذ العهد الصوفي عنه والمجاورة بالبلد الحرام، لكن الميرغني أمره بالرجوع إلى السودان لينتفع به أهله هناك؛ فرجع واخذ الطريق القادري على صاحب الوقت الشيخ عوض الجيد بن الحسن الخالدي (رضي الله عنه) وحصل له منه المدد العظيم والعطاء الجسيم؛ فحفظ الكتب السماوية الأربعة القرءان والتوراة والإنجيل والذبور وخصه بمنن أخرى كما حكي الأستاذ محمد بدر العبيد ذلك بنفسه في مصنفه (سراج السالكين)؛ أو ما حكاه عنه تلميذه محمد بن الحاج نور في رسالته (مفتاح البصائر).
وكانت همة الشيخ محمد بدر قبل حجه متعلقة بالسياحة والعزلة والانفراد؛ ولكن بعد قفوله من الحج صارت همته متعلقة ببذل الطعام وتعليم القرءان الكريم وإقامة شعائر الإسلام ؛ لتواتر الرؤيات الصالحات عنده بذلك، ولكنه واصل في السياحة والعبادة حتى العام 1848م حيث صدر له الإذن في وقود نار التدريس؛ فأشعل نار القرءان في مقره بالنخيرة الأولى؛ وفي مُهاجره بغابة امضبان (جنوب شرق الخرطوم).
وفي 1851م ورث أمانة أهل الله وجلس لسلوك السالكين وتربية المريدين بإرشادات رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ودلالة أهل الله ، فعندها صاح الكون به وصرخ واشتهر اسمه في السماء والأرض وشمخ؛ فجاءه الناس من كل جانب وعكف عليه الأجانب والأقارب؛
ولحسن نيته وإرادته الخير كانت تتحاكم إليه الناس ويستدعونه إذا تشاجروا فيذهب إليهم ويؤلف بينهم؛ وكثيرا ما كان يقصده المرضى وذوو العاهات فيصف لهم بما فتح الله له الأدوية ويعالجهم فيعودون وما بهم من علة.
وظل ولمدة ثلاثين عاما على هذه الحال تقرأ عليه كتب القوم في التصوف والأخلاق والسلوك ككتب الامام الغزالي والمحاسبي والقشيري وغيرهم، فيفسرها ويأتي في ذلك بما يسبى العقول ويخلب الألباب ويحتار فيه فطاحلة العلماء فضلا عمن دونهم؛
واستقدم كذلك أجلة العلماء والفقهاء في عهده لتدريس العلوم الشرعية كالتفسير والفقه والتوحيد جنبا إلى جنب مع تحفيظ القرءان الكريم الذي كان يقوم عليه طائفة من أبنائه ومساعديهم؛
ولنشر الطريقة وأدآب السلوك الصوفي في المواطن الأخرى؛ كان ينتخب من كبار تلامذته من لهم الاستعداد والأهلية فيدخلهم الخلوات ويمدهم بالأنوار والبركات ويوصلهم إلى مراقي القرب والنفحات؛ فيعودوا إلي أهلهم لنشر الطريقة ورفع أعلام الإسلام والحقيقة،
فأيد رضي الله عنه في حياته المباركة اثنين وعشرون شيخا؛وأيد أبنه الخليفة أحمد من بعده ثمانية عشرة شيخا؛ ليكتمل عقدهم أربعون شيخا؛ هم نجوم الطريقة البدرية القادرية الذين رفعوا راية الإسلام ونشروا هدى سيد الأنام عليه من الله أفضل الصلوات وأزكى السلام؛ ولا تزال محلاتهم منائرا للحق وقبلة للخلق؛ونذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر؛
الشيخ محمد المقابلي والشيخ محمد الأمين صقر البرِزَّن والشيخ محمد أبو صالح والشيخ محمد النذير الفتايابي والشيخ الطيب إبنه رضي الله عنه والشيخ عبد القادر بن أبي كساوي والشيخ منصور الجامعي والشيخ محمد صالح الفلاتي والشيخ تاى الله النفيدي والشيخ شنبول الدويحي والشيخ بابكر علي النور المسلمي والشيخ محمد عبد الرحمن الرازقي الذي صادف عام تأييده ظهور المهدي بجزيرة أبا 1881م؛ وبعدها لم يؤيد أحدا حيث انشغل بالجهاد في صفوف المهدية حتى وفاته رضي الله عنه في1884م.
وذلك انه عندما ظهرت المهدية ثار الناس وهاجوا وماجوا لكن الشيخ كان يعقِّلهم ويهدئ من ثائرتهم ريثما تهدأ الأوضاع وتنتظم الأمور ويُقام بجهد محسوب وحاسم لتحرير البلاد؛ وهكذا كان فجمع الشيخ أنصاره وقدم أبناءه وأحفاده وأحكم الخناق على عاصمة البلاد؛ واستدرج قوات غردون إلي معركة فاصلة على مشارف مدينة امضبان أباد فيها تلك القوات وكاتب الإمام المهدي بذلك،
وعندما وصل الإمام المهدي عليه السلام إلي منطقة الحصار تطلع إلى رؤية الشيخ محمد بدر في بادرة تكريمية له؛ لكن الشيخ أبدى عزوفا عن ذلك لأنه لا يحب القدوم على السلاطين؛ ثم سار تطييبا للخواطر؛ وعندما وصل حلة الجريف كركوج؛ شرق الخرطوم، نزل بالجيش للاستجمام ليواصلوا المشوار من بعدها إلي ديم أبي سعد بأمدرمان حيث يعسكر الإمام المهدي عليه السلام؛
ولكن في تلك الظهيرة من يوم الأربعاء 29 اكتو بر 1884م بيوم عاشوراء 10 محرم 1302هـ لبى الشيخ محمد بدر العبيد نداء الملأ الأعلى حيث فاضت روحه الطاهرة إلى بارئها راضية مرضية؛ فأظلمت الدنيا لموته وذهلت العقول وطارت الألباب؛ وحزن عليه الإمام المهدي غاية الحزن وصلى عليه صلاة الغائب وأصدر منشورا في بيان فضله وسابقته؛ وأبرق معزيا وأمر باستخلاف ابنه الخليفة احمد مكانه،
فرجعت الجموع الهادرة إلى أمضبان حيث تم دفنه بخلوته هناك حسب وصيته؛ وكفكفوا دموعهم ورجعوا لمواصلة الحصار حتى تم تحرير عاصمة البلاد، ثم انخرط أبناء الأستاذ الشيخ محمد بدر العبيد بعد ذلك في الجهاد والمغازي تحت راية الدولة المهدية،
بينما ظل مسجدهم وحتى اليوم جامعة لتحفيظ القرءان الكريم وعلومه وقبلة للطالبين ومنارة للسائرين في مسيرة عزيزة ابتدرها الأستاذ الشيخ محمد بدر العبيد واتصلت من بعده على يدي أبناءه وأحفاده فمن دونهم حيث يخلفه الآن على السجادة حفيده الخليفة الطيب الجد العباس بدر.